الجزء الثاني من كتاب: لغة الكون الإلهية. الإدراك

الجزء الثاني من كتاب: لغة الكون الإلهية. الإدراك

مقتطف من كتاب : لغة الكون الإلهية.. الإستيقاظ

للكاتب: بولينت كارديان أوغلو

ترجمة : أميمة الزمراني

"يكفي ما عانيته لحد الآن"

أدركت أنني أعيش دائما نفس الأحداث، يدخل حياتي دائما نفس النوع من البشر، في كل ما أقوم به وفي كل علاقاتي أعيش نفس الشيء

استمريت في البحث.  كل المراجع تقول : تعيشون ما تفكرون به، أنتم تجذبون كل شيء لحياتكم

كيف ذلك؟

أكنت أنا من جلبت لحياتي كل ما عشته طوال هذه المدة؟

هل أنا المسؤول عن ذلك؟

كل هذه خرافات

لا أقبلها

لقد هزت هذه الأفكار كياني. لأنني كنت دائما أبحث عن المذنب في الخارج

لماذا سأكون أنا من يجذب كل ما عشته؟ هل أنا مجنون لأرغب في ذلك؟ كل شيء كان واضحا جدا. لو كنت غنيا لما تركتني رفيقة حياتي.. لو كان صديقي سويا لما هرب وتركني مجبرا على أداء دينه بعدما كنت قد كفلته شخصيا لأخذه. لو كان أصدقائي أناس طيبون لما تركوني وحيدا وقت محنتي. لم يتوقف التمرد بداخلي، ولم يصمت ذهني لحظة، دائما كان منهمكا في التفكير.. كان مشغولا بالتفكير في كل من آذاني وكل ما عانيته من ظلم، لم يصمت لحظة

في طريق البحث عن ذاتي، صادفت شيئا يدعى الكون. ما كان هذا؟

العلماء يقولون أن الكون وكل ما يوجد به يتكون من الطاقة. أثار هذا اهتمامي. إنه تصريح علمي من الممكن أن يقنعني على التصديق! هذا يعني أن كل شيء يتكون من طاقة... الهواء، الماء، التراب، أنا

كان من المهم جدا بالنسبة لي أن يكون ما أتعلمه منسجما مع ما جاء في القرآن الكريم، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن باقي الأنبياء، لقد كان يحسسني هذا بالأمان. لم أكن أود أن أخطأ الطريق وأنا أحاول أن أجد سبب ما عشته

كان هناك موضوع آخر تحدث عنه العلماء، إنه : قانون الجذب

فحوى هذا القانون أن أفكارنا تخلق طاقة وهذه الطاقة تجذب لحياتنا ما نفكر فيه

في بداية أبحاثي حول قانون الجذب كنت دائما أعلق قائلا: لا يعقل! لا يكمن أن أكون أنا من جذب كل ما عشته

كان جزء مني يصدق ما يقوله العلماء، والجزء الآخر يتمرد! لقد استمرت هذه المعضلة فترة طويلة. حينما أعدت التفكير فيما عشته من أحداث اكتشفت أنني كنت دائما ألقي باللوم على الآخرين وعلى قلة إمكانياتي. لم يكن من صالحي أن أقبل أنني أنا المسؤول الوحيد على كل ما عشته من سلبيات. إلقاء اللوم على الآخرين كان أكثر سهولة وعملية

بالرغم من يأسي وقلة حيلتي، لم أتخلى على قناع "أنا المثالي". في الحقيقة كان من السهل لوم الآخرين والنظر إلى نفسي كضحية. عندما كنت أردد " لقد فعل بي هذا، لقد وضعني صديقي في مأزق دينه..."  كان كل من يسمعني يقول أنني محق فكان هذا يسعدني؟ كم كان من الجيد أن أجد أنصارا لي ! كل شيء كان واضحا بما يكفي. كنت بريئا، وهم المذنبون!  التفكير على هذا النحو كان أسهل من مواجهة نفسي

طوال فترة وجدت نفسي مريضا، وفي فترة أخرى كنت لا أرغب إلا في أن أنام ولا أستيقظ! أردت أن أرحل وأذهب! كنت أظن أنني لو ذهبت إلى مدينة أخرى ربما كان سيتحسن الوضع

فكرت طوال أيام

أدركت أنه بقدر عنادي تصفعني الحياة بقوة

بقدر سمك قناعي كانت ضربات الحياة تأتي أقوى فأقوى

عشت في صراع داخلي مدة طويلة. ووجدت نفسي في نقطة الإنطلاق من جديد. عندما فكرت منطقيا وجدت أنني فعلا عشت كل ما خفت أن يتحقق. كل ما كان يدور في بالي من سلبيات تحقق. عندما أدركت هذا حرت من جديد. حينها فكرت أنني قد أكون عرافا يتنبأ بما سيحدث في المستقبل، أو شخص يجذب نحوه كل ما يخافه، ويرسم مستقبله بواسطة أفكاره

عندما أمعنت النظر في كل ما عشته، قلت: لا يعلم الغيب إلا الله. إذا لم يبقى إلا خيار واحد. أفكاري تتحقق بطريقة من الطرق. كنت قد بدأت فهم قانون الجذب

"قولوا خير الكلام، واعملوا خير الأعمال ، لتعيشوا خيرا"

( حديث نبوي شريف )

عندما قرأت هذا الحديث فهمت أنه كي أعيش أشياء إيجابية يجب أن أفكر بإيجابية وأنوي أشياء إيجابية 

كان يجب أن أركز على خيرات الحياة

حينما رأيت أن كل ما يدور في عقلي من أفكار يتجسد أمامي من خلال أحداث وأشخاص أدركت أن كل ما أفكر فيه أجذبه نحوي. لقد أخافني هذا الأمر بداية... لأنني لم أكن أتحكم في أفكاري

من جهة أخرى لم أكن أتقبل أنني كنت أنا من جذب كل أولئك الأشخاص الذين أكلوا حقوقي، وآذوني، وغدروا بي، وخانوني. لقد عشت هذا الصراع الداخلي مدة طويلة. في كل مرة كنت أصرخ: "لاااااااااااا". " تلك المرأة شريرة، الرجل الذي نصب علي شرير، كل من كذب علي شرير. لا يمكن أن أكون أنا من جذبتهم إلى حياتي. أنا لست شريرا، لا أقبل هذا... للأ يحاول أحدهم أن يقنعني بعكس ذلك. ليست لي أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأولئك الأشخاص!" استمر التمرد بداخلي على هذا النحو. علمت بعد ذلك أنه كان رد فعل طبيعي لكل من يرى الحقيقة لأول مرة. كل من مر بهذا الطريق قبلي قاوم مثلي تماما

كنت أعيش وفق قواعد راسخة ترسخت في ذهني لسنين، وحاوت دائما أن أبقيها تحت سيطرتي. إنها قاعدة "طيب ـ شرير"، " جميل ـ قبيح"، " صحيح ـ خطأ"، " جائزة ـ عقاب". لم تكن تنسجم هذه القواعد مع فكرة أنني "أنا من يجذب لحياتي كل ما أعيشه". لأنه إلى حدود ذلك اليوم أعطيت الأهمية والأولوية للقيم التي تعلمتها عن الآخرين

أنا الذي كنت أحاول إسعاد نفسي من خلال إسعاد الآخرين لم أكن أعلم ما الذي كان يتوجب علي فعله. فمعرفة أنه لا يمكنني إسعاد الآخرين إذا لم أسعد نفسي كانت مخالفة لكل ما تعلمته في السابق.  فعوض عبارة "من أحبهم يأتون في الرتبة الأولى" كانت عبارة "أنا أولا" ثقيلة وأنانية... بعدما كنت أخاف في الماضي من التفوه بكلمة "أنا" ، لأول مرة بدأت أتذكر كم هي قيمتي ثمينة

قبل سنوات، عندما صعدت الطائرة لأول مرة، أخبرتنا المضيفة أنه في حالة الطوارئ، يجب أولا أن يرتدي الشخص قناع الأكسجين قبل أن يضعه لطفله، فانزعجت من هذا الأمر. ظننت أنه من الأنانية أن أرتدي القناع قبل أن أضعه لطفلي، وأنه يجب أن أضعه له قبل أن أرتديه أنا، فرفضت ذلك. عائلتي ومن أحب هم الأهم!  كيف يعقل أن أفكر في نفسي وأمتنع عن مساعدتهم ! لكنني أعلم الآن جيدا أن المضيفة كانت على صواب. إذا حدث طارئ على مثن الطائرة، يتوجب علي أولا أن أرتدي القناع لأكون قويا وأتمكن من مساعدة من حولي

إذا كنت تريد مساعدة الآخرين، يجب عليك أولا أن تكون قويا

لماذا أهدرت ثلاثون سنة من عمري لأتعلم هذا؟ لم أتقبل هذا الأمر أيضا بسهولة

لماذا استغرقت كل هذه المدة لأتعلم أن من حقي أن أقدر وأهتم بنفسي؟

بدأ الصراع بداخلي من جديد. " لماذا أهدرت كل هذه السنين هباء؟" غضبت كثيرا من نفسي. من جهة، كل من أنا غاضب ومنفعل منهم من أشخاص وأحداث، ومن جهة أخرى غضبي تجاه نفسي. والمخيف أكثر هو فكرة جذبي كل ما أفكر فيه. بدأت أخاف أكثر مما ينتظرني نتيجة للأفكار التي تدور بذهني، كانت هناك عدة مخاوف بداخلي

من الفقدان

من البقاء وحيدا

من اليأس

من العجز

من ارتكاب الأخطاء

من الفشل

من المرض

من الإقصاء

من اللوم

من الرفض

من البقاء أسيرا

من عدم القدرة على التخلي

من الخيانة

من أن لا أكون محبوبا

من التغيير

والأهم، هو فقدان السيطرة، كنت أهاب ذلك كثيرا

انشغلت لفترة طويلة بتقبل كل ما عشته. كانت فترة عصيبة. لكن كلما فكرت أكثر اكتشفت ما يلي

قلت " أتمنى أن يكون الشخص الذي أشتغل لحسابه سويا وأن لا يخون ثقتي" أفكاري جعلتني على صواب. لقد خان ثقتي من اشتغلت لحسابه

عندما كفلت صديقي لأداء دينه قلت له " اشتغل بجد واجتهاد، وقم بأداء دينك عند حلول أجل الوفاء، لا تدخلني في مأزق" فلم يستطع أن يؤدي دينه ووجدت نفسي حقا في مأزق!

لأنني اشتريت سيارتي بالتقسيط كنت دائما أخاف أن لا أتمكن من أداء أقساط ثمنها وأن أضطر لإرجاعها، وحدث بالفعل ما خفته. لم أتمكن من أداء الأقساط فحولت ملكيتها لشخص آخر! عندما أعدت النظر في الماضي أدركت حقا أن كل ما فكرت فيه وما تفوهت به صار حقيقة. "يا للهول ! ما كان هذا؟ إذا استطعت أن أشافي مخاوفي واستبدلت ما هو سالب بما هو موجب في ذهني ستصلح أحوالي، بل إنها ستتجه نحو الأفضل."  دفعني كل ما عشته إلى إدراك هذا، أحسست بالأمل للمرة الأولى، وبدأ يتحسن مزاجي قليلا. كأن شمسا أشرقت فأنارت حياتي من جديد

: إذا كنت قد نجحت في تخريب حياتي بواسطة أفكاري، فأنا أستطيع أن أفعل عكس ذلك لأصل إلى القمة

تهربت دائما من تحمل مسؤولية كل ما عشته. لكنني لم أعد أقاوم كما في السابق. بدل التهرب نويت أن أقبل التغيير

وخطيت أول خطوة قائلا  : كل شخص يستحق بداية جديدة

قررت أن أصلح كل الأفكار السلبية التي كنت قد تعودت عليها طوال حياتي. كنت مدينا بالكثير من الديون. وكنت دائم التفكير بها. لاحظت أنه كلما انهمكت في التفكير في ديوني كلما كبرت وتكاثرت. وضع غريب! كنت أفكر طوال الليل ودون انقطاع في إيجاد حل يمكنني من أدائها، فاستمرت في التكاثر. ارتفعت فوائدها. حاولت أن أفكر بإيجابية. لكنني لم أتجاوز في ذلك خمسة إلى عشرة دقائق فحسب. بعدها يهمس صوت بداخلي : كيف ستؤديها؟ كيف ستفعل ذلك؟

حاولت أن ألعب كل ألعاب الحظ بما تبقى في جيبي من نقود. لم أربح شيئا. فاعتقدت أنني سيء الحظ، وأصبحت أكثر تشاؤما. لم أكن أرغب في معرفة سبب دخول هذه المشاق إلى حياتي. كنت أود فقط أن يكون لي مبلغ كبير من المال وأفي بديوني فتصبح الحياة في لحظة أحسن. أدركت من جديد أنني أضيع وقتي... دائما أعود إلى نقطة الإنطلاق، ثم أستوعب الأمر فأحاول إصلاحه وتنظيف أفكاري السلبية. ركزت فقط على ديوني، فلم يكن إلا أن تضاعفت. في ليلة عندما كنت منهمكا في التفكير توقفت قائلا " استيقظ! كلما قلت دين: كبر أكثر فأكثر إنك تضيع وقتك فقط. ركز تفكيرك على ربح المال!" لم يكن لي عمل بعد أن انفصلت عن عملي السابق. أولا يجب أن أجد عملا، قدمت ترشيحي لعدة شركات لكن كان ردهم واحدا " سنتصل بك..." ولم يفعلوا

أجريت عدة لقاءات عمل، كانت النتيجة دائما نفسها... لم يتصل بي أحد

بعدها تساءلت " ما هو العمل الذي أجيد القيام به؟" توضح الجواب بسرعة في ذهني "تصاميم الغرافيك". فبدأت مباشرة في إعداد مشروع والإسراع لإتمامه

عوض التفكير في الديون، بدأت أركز، ولو بصعوبة، في ما أنجزه من عمل. فلاحظت عندما كنت أركز جيدا أثناء عملي أنه بعدم انشغالي بالديون وحصر تفكيري فقط على شغلي كانت تتزايد البركة والخيرات في حياتي. لكن هذا دام لفترة قصيرة فقط. كان يتشتت تفكيري من جديد، وأتذكر كل من ظلمني وآذاني في الماضي من أشخاص وأحداث. أحيانا كنت أتقبل أنه أنا من جذبت ذلك إلى حياتي، وأحيانا أخرى لم أتمكن من تقبل الأمر

حاولت أن أركز على عملي فقط. إلى حدود ذلك اليوم لم أهتم سوى بخدمة الآخرين. لأول مرة حاولت أن أفهم ما يعني القيام بشيء من أجل نفسي. لم يكن يستغرق تركيزي إلا فترة قليلة. إلا أنني كنت أفلح في ما أقوم به عندما أركز. كان يتوجب علي أن أعرض عن الأفكار السلبية وأن أوجه كل تركيزي إلى عملي

إذا استطعت أن أنجح في هذا الأمر سأتمكن من تحقيق بداية جديدة

هل سأتمكن من تقبل أنني أنا من جعلت أفكاري تتحقق وأنه قد حان زمن تحمل مسؤولية ذلك؟

 

 

En güncel gelişmelerden hemen haberdar olmak için Telegram kanalımıza katılın!